أركان الليل
لو أنك أغمضت العينين ..
و نزعت من الجلد الإحساس ..
و طمست على الأذن فصُـمّـت ..
هل كنت ستدرك أنك موجود ؟ ..
لولا عقل يتشكك و يفكر ..
فى ركن من أركان الليل ..
و على سدل من أسداله ..
ألقيت عصا الترحالِِ ..
و جلست ُ..
أكتم أنفاسى ..
و ألملم أشتات الإحساسِ ..
اتنصتُ :
العاشق يتبين فى الليل عميقَ سكونه ْ..
يلتذ بأن يبقى معتقلا فى كهف شجونه ..
و أنا أنصت للصوت الهامس فى كل مكان ..
من قال بأن الليل سكون أو صمت ؟
أتسمع وشوشة الكون ْ..
و أدير العينينْ ..
لا أبصر غيرى موجودا فوق أديم الأرض ..
و بدافع حب استطلاع يتكثف عندى الميل ..
أتسكع منتشيا بين حوارى الليل ..
أتسلق قمم الظلمات ..
يخترق الأذن رنين الضحكات ..
و يثير الأشجان أليمُ الآنــّات ..
خلان اجتمعا فى ثوبين و روح واحد ..
ببلاغة صمت يهمس فى أذنيها ..
بحديث حالم ، لا يقفهه إلا العاشق ..
فالعشق له لغة يجهلها العقلُ ..
تسمو فوق الألسنة ، فلا نطق ُ.
كاسات هوى تسكب فتضج لها الظلمة ..
و موائدُ غطاها المنكر و شراذم طغمة ..
و الليل تلوث بمداد أحمر لذئاب نهمة ..
أجساد تحيا و قلوب ماتت و ذنوب جمة .
فى إحدى حارات الليل ..
فى ركن مملوء بالصمت ..
ترنيمة إنسان يتهجد ..
يتلو القرآن ، يجوّده فى أحلى صوت ..
تتردد فى الكون تسابيح ٌعلوية ..
فتضئ القلب مصابيحٌ درية ..
و يذوب المؤمن فى صلة بالمولى ..
فيزيد الأنس به و الوحشة تتولى ..
الليل الآن يلملم ظلماته ..
تخفت همساته ، تصمت أناته ، يطوى صفحاتِه ..
قد آن الآن الفجرُ .. فتولى وانخسف البدرُ..
و انطلق الليل ليسكنه أقوام أُخـََـرُ .
نوفمبر 2008
No comments:
Post a Comment