Thursday, January 11, 2007

سؤال

سؤال


:سؤال يجب على كل الباحثين فى كافة العلوم الإنسانية البحث عن إجابة له
:بداية أود أن أوجز النقاط يدور حولها هذا المقال
أبدعت مصرالفرعونية إبداعا ما زال العالم يشهده و يشهد له .. رغم ما يقال عن " ديكتاتورية الحكم أيام الفراعنة ".
أبدعت مصر فكرا مخالفا لمعتقدات الإمبراطورية الرومانية – أيام احتلالها لمصر – فأنتجت مذهبا دينيا مخالفا فى المسيحية .
* أبدعت مصر أيام الدول الإسلامية شبه المستقلة التى قامت به : الدولة الإخشيدية و الطولونية .. الخ .
* أبدعت مصر إنشائيا و عسكريا أيام الدولة الأيوبية : فبنت القلعة و سور القاهرة العظيم , و هزمت الصليبيين فى حطين حين قادها صلاح الدين الأيوبى , و هو مسلم ذو أصل كردى , وتمت الإنشاءات المعمارية على يدى نائبه فى مصر ( قراقوش
أبدعت مصر معماريا و عسكريا فى عهود المماليك : فكما سبق لى أن قلت إن معظم الآثار الإسلامية فى مصرنا تعود إلى إبداعات هؤلاء البنائين العظام . كما لا يفوتنا البطولات العظيمة و الانتصارت المدوية التى تمت على أيديهم سواء ضد التتار أو ضد بقايا الصليبيين .
ثم جاءت فترة الظلام المخيف : فترة الحكم العثمانى منذ 1517 م
و فى ظلمة هذا العهد , نقلت كل الصناعات و الحرف و المهنيين و الفنانين و المبدعين على يدى سليم الأول إلى القسطنطينية .. فخلت مصر من المبدعين !! و غاصت فى بحر لجى من الظلمة فى شتى ميادين الحياة : ثقافية و فنية و إنشائية ..الخ ..
و ظل الحال على هذا المنوال حتى جاءت الحملة الفرنسية .. و مهما كان الرأى فى هذه الحملة , فلقد كان لها آثار هائلة فى نشر الوعى لدى المصريين , و كان من نتيجة ذلك أن شارك المصريون – ممثلين فى زعمائهم – فى اختيار محمد على حاكما لمصر.. و بغض النظر عما انتهت إليه هذه الحقبة , إلا أن الأحداث التى تلت بدء الاستعمار البريطانى لمصر, أظهرت مدى يقظة المصرين و إفاقتهم من سباتهم الذى امتد عدة قرون , فقامت الحركات الوطنية بقيادة المفكرين من أمثال جمال الدين الأفغانى و محمد عبده , و السياسيين من أمثال مصطفى كامل .. و استمرت هذه اليقظة بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918) التى بزغ فيها سعد زغلول و آخرين ...
و نالت مصر استقلال سنة 1922 , و وضع دستور 1923 الذى قام بناء عليه برلمان 1924 الذى رأسه سعد باشا زغلول .. و الملاحظ فى هذا الدستور كمية الحرية الهائلة التى ضمنها للشعب المصرى و التى لم تتحقق فى أى دستور جاء بعده .. و بناء عليها قامت فى مصر ثورة نهضوية – فى تلك الفترة التى يسميها المؤرخون بالفترة الليبرالية - قادها فى مجال الفكر طه حسين و توفيق الحكيم و من قبلهم أحمد لطفى السيد .. و غيرهم , و قادها فى المجال الإقتصادى طلعت باشا حرب , و فى المجال الفنى كثيرون من أمثال محممد عبد الوهاب و أم كلثوم كخلفاء لسيد درويش .. الخ .. الكل يسعى – فى جو من الحرية – إلى وضع لبنة فى بناء الشخصية المصرية : عقليا , اقتصاديا , فنيا .. الخ .
و ظهر المبدعون : فإلى جوار عباس العقاد , ظهر نجيب محفوظ و يوسف إدريس و غيرهما كثير , و ماجت الحياة المصرية بالمبدعين و إبداعاتهم فى جو من الحرية ... حتى جاءت ثورة 1952 .
و تحت شعار حماية الثورة , حدثت انتكاسة للحرية , فبدأت الحياة الإبداعية فى الذبول , و تولى الموت القضاء على شوامخ العهد (البائد) واحدا بعد واحد , لم يظهر منذ ذلك الحين قامة تطاول قامة العقاد , أو هامة تعدل هامة طه حسين .... و أصبح الحكم مقصورا على فئة أهل الثقة الذين أوردوا مصر موارد التهلكة حينا ( يونيو 1967) , و موارد البؤس أحيانا ( الفضاء على حرية الاقتصاد – قوانين يوليو 1962) , هذا إلى ابتداع نظم جديدة فى معاقبة المخالفين فى الرأى , بل لم يسلم القضاء نفسه من هذه النكسة , فحدثت مذبحة القضاء الشهيرة .. كل ذلك أدى إلى لزوم كل حدود ذاته إلى درجة الانغلاق , و بدأ المصريون يفقدون مصريتهم !! فليس لهم فى شئونها رأى و لا لهم فى إدارتها يد , فبطل الإبداع !!
و عن التعليم , فقد دار كله حول نفاق النخبة الحاكمة :
* فى إحدى المحافظات الصعيدية قام المحافظ لكى يخطب فى حضرة زعيم الثورة , و خاطبه قائلا : " لقد جاء موسى بالتوراة , و جاء عيسى بالإنجيل , و جاء محمد بالقرآن .. و جئت أنت بالميثاق !!!
* فى برنامج للأطفال فى تليفزيون ذلك العهد – و قد ذكرنى بها حديث تليفزيونى حديث مع رجل الأعمال محمد نصير – قالت طفلة للمذيعة : " أنا حلمت إمبارح بجمال عبد الناصر" – فقالت لها المذيعة : " الله .. يبقى حتدخلى الجنة يا حبيبتى !!!"
أخلص من هذا إلى نتيجة قد تكون صائبة : و هى أن الإبداع يستلزم :
* ايمان المبدع بما يقوم به .. و هذا ما يتمثل فى إبداعات قدماء المصريين .. فقد أُخذ على خوفو مثلا أنه بنى هرمه بالسخرة , فرد أحد المتخصصين على ذلك بأن الإيمان هو الذى دفع المصريين إلى هذا الإبداع .
* الحرية : و فى ظلالها تتفتح كل الزهور .
فإذا أريد لهذا البلد صحوة جديدة و نهضة حديثة .. فلا بد من ظهور قادة مبدعين و حكام بارعين , و لن يتأتى ذلك إلا :
* بإعادة ترسيخ الانتماء فى نفوس المصريين .
* و الحرية الحقيقية ..
و كلتاهما أمر صعب المنال :
فإعادة ترسيخ الانتماء : يستلزم جهدا خارقا و عملا مخلصا لا تتوافر النية لتحقيقه حاليا .. أما الحرية الحقيقية , فهذا أمر مستحيل الحدوث فى ظل الظروف الراهنة .
و حين يحدث ذلك , سيظهر فى مصر القائد المبدع الذى يقودها نحو العزة و المجد و الفخار .
مصطفى سلام

No comments: