لودفيج فان
بيتـــــــــــــهوفن
1770 - 1827
وسيمفونيته التاسعة
1824
الأمير رودلف – نمساوى – كان يتكفل براتب سنوى للبائس الفقير بيتهوفن حيث كان تلميذا له يتولى بيتهوفن تعليمه العزف على البيانو و فى عام 1818 نودى بهذا الأمير مطرانا على إحدى المقاطعات النمساوية , فأزمع بيتهوفن أن يححيه بإهدائه موسيقى لقداس خاص , و لكنه لم يتعجل فى إنهاء هذا العمل نظرا لانشغاله فى أعمال أخرى تدر عليه دخلا محدودا و لم يستطع أن يتم هذا القداس إلا فى عام 1822 , نظرا لانكبابه أثناء تأليفه على تأليف عمله الأعظم " السيمفونية التاسعة " .. التى تعد أروع إنتاج موسيقى أخرج للناس على الإطلاق , بلغ فيها بيتهوفن قمة الإبداع و المجد , حيث أضاف إليها فى نهايتها أنشودة غنائية كورالية وضع كلماتها الشاعر الألمانى شيللر.. ترجم عنوانها الدكتور محمود الحفنى إلى " إلى السعادة " التى لم يحس بها بيتهوفن فى حياته أبدا , و إنما أرسلها إلى الناس بموسيقاه , بينما ترجمه الدكتور حسين فوزى إلى " نشيد الفرح" ..
كان بيتهوفن يعانى من ثقل فى السمع .. و لكن الأمر انتهى به إلى الصمم الكامل منذ عام 1818 و لم يعد يستطيع التفاهم مع الآخرين إلا عن طريق كراسة يكتب فيها ما يريد و يرد الآخرون عليه فيها بالكتابة .. و كان يسميها كراسة المحادثة .
و لكن بيتهوفن يحاول دائما أن يخفى أمر صممه عن الناس , و فى خريف عام 1823 كان سيقدم على المسرح أوبرا (فيديليو ) , و أراد مدير المسرح- و هو لا يدرى شيئا عن صممه - أن يقود بيتهوفن بنفسه الأوركسترا , و منذ اللحظة الأولى ظهرت عدم صلاحيته , فقد كان يعطى أوامر المايسترو فى غير موعدها – لأنه لا يسمع – مما أدى إلى اضطراب الموسيقيين .. ارتبك الجميع , و لما رأى ارتباكهم قدم الكراسة إلى صديقه (شندلر) يتساءل , فرد عليه الصديق ( لم يعد الأمر يستقيم ) .. فألقى بيتهوفن بعصا القيادة و انصرف حزينا .
و فى عام 1824 .. و لأول مرة تعزف السيمفونية التاسعة ..بفرقة مؤلفة من عدد كبير من الآلات و عدد ضخم من اصوات الكورال , و تكريما لبيتهوفن عهدوا إليه بقيادة الأوركسترا !!! كيف؟ لقد وقف بيتهوفن – و وجههه طبعا إلى الفرقة – و وقف خلفه المايسترو (أوملاوف ) و نبه على الموسيقيين باتباع هذا الأخير لا بيتهوفن !!!
و انتشى الجمهور بما لم يسمعوامثله من قبل !! حتى إذا ما انتهت الفرقة من العزف و الغناء , ضجوا مهللين مصفقين بشكل لم يحدث من قبل !! , كل هذا و بيتهوفن لا يسمع شيئا !! و لم يلتفت إلى الجمهور .. حتى قامت المغنية الأولى فقبلته و أمسكت بذراعيه و أدارت وجههه إلى الجمهور ليسمع بعينيه ما لم يستطع أن يسمع بأذنيه ...
و كانت لحظة الألم العظيم مواكبة للحظة النصر العظيم .. فقد عرف كل أهل فيينا حينذاك ما ألم بالرجل .. فاعتزل الناس و انحبست عنهم أخباره .
و قد ترجم المرحوم الدكتور حسين فوزى النشيد الكورالى الذى تضمنته السيمفونية التاسعة .. و يسعدنى أن أنقل إليكم الترجمة :
نشيد الفرح
للشاعر الألمانى شيللر
-------
يا جذوة الفرح , أيتا القبس الإلهى الجميل ..
يا بنت وادى الهناء ..
إننا لنرد قدسك نتلظى بنبوتك ..
يا بنت ماء السماء.
ليحتضن البشر بعضهم بعضا ..
و هذه قبلة أرسلها للناس جميعا ..
أيها الملايين : اسجدوا لفاطر السموات و الأرض ..
خلقكم فسواكم ..
و ميدى أيتها الأرض أمام ربك ..
إننا نسأله الرحمة و الغفران ..
يا أيها الفرح ضم شمل النازحين ..
و من مزقتهم صروف الأحداث
فالناس جميعا إخوان ..
فظللهم بجناحك ..
أيها الفرح العلوى .
(تكرار)
------------
و انتهت حياة الرجل نهاية مأساوية
مصطفى سلام
No comments:
Post a Comment